جاري التحميل الآن
×

ربع قرن من حكم الملك محمد السادس الثقافة في خدمة الهوية الوطنية

ربع قرن من حكم الملك محمد السادس الثقافة في خدمة الهوية الوطنية

بقلم: الباحث بابا خيا

لقد حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في مختلف خطبه، على التعريف بكل ألوان الفن والتراث، وكذا تعزيز مشاركة المجتمع في ثقافة الحوار المفتوح، حيث أبرز صاحب الجلالة أهمية الفعل الثقافي في ظل التحديات الجديدة في عصر العولمة التي باتت تفرض نفسها على الحياة المعاصرة، اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وفكريا وعلميا وإعلاميا.

إن الرؤية الثقافية التي نادى بها العاهل المغربي، أخذت مكانتها مستهدفة تعزيز حرية الحراك الثقافي والعمل على تخليصه من التبعية حتى تصبح ثقافة فعل وعمل وتغيير وبناء، تحمل قيم الإبداع بغية خلق جيل قادر على اتخاذ خطوات فاعلة نحو التميز الفكري والثقافي والعلمي والأدبي. مما سينعكس إيجابا على مستقبل الثقافة ببلادنا ، حتى تصبح مؤسساتنا الثقافية منابر إشعاع ترتكز عليها ثقافتنا الوطنية بكل ملامحها ومجالاتها وتطلعاتها بما يخدم الرؤية الشاملة للثقافة، وهو طموح ما فتئ يعبر عنه جلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش العلوي المجيد.

ولعل المتتبع لخطابات جلالة الملك منذ اعتلائه العرش، سيدرك ـ لا محالة ـ إشارات وأبعاد ذلك وغاياته ، والبعد الثقافي المؤثر في مجتمعنا من خلال منظومة المؤسسات العلمية والثقافية المتنوعة والمتمثلة في إحداث العديد من المراكز العلمية والثقافية في جل ربوع الوطن وأهمية دعمها، إضافة إلى التوجهات العامة في عهده حفظه الله في تقوية بنية التعليم في كل أنحاء مملكتنا السعيدة ، وكذا إعطاء الأهمية للتخصصات المختلفة في مجال الثقافة، والحرص على تعليم اللغة العربية لأبناء الجالية المغربية في الخارج ، إلى جانب دعم العمل التربوي والثقافي والعلمي من خلال مشاركة المغرب برعاية جلالة الملك في كل المنظمات الدولية في مجالات التربية والثقافة والعلوم.

مما يبرز الوعي الكامل بأن بلادنا ـ ولله الحمد ـ لها وزنها ودورها المؤثر في محيطها العربي والإسلامي والدولي. ولعل أبرز إنجازات جلالته في المجال الثقافي:

دفع البلاد نحو مدارات التميز في جميع المجالات، بما في ذلك مجال المتاحف حيث فتحت بكل من مدن  طنجة، تطوان ومراكش والرباط وآسفي ومكناس وأكادير وأزيلال، على أن يرى غيرها النور في مدن أخرى عبر المغرب. بغية إعطاء الفرصة للمغاربة باكتشاف تراثهم الغني وتملكه وكذا الترويج للتراث الثقافي المغربي .

 واستلهاما لمضمون خطاب جلالة الملك في القمة الثامنة والعشرين للاتحاد الأفريقي والدينامية الوطنية الملتزمة بالتنمية القارية، فإن “المغرب كبوابة إفريقيا ، سينظيم العديد من المعارض مثل “إفريقيا في العاصمة”، و “أنوار أفريقيا”، و”إفريقيا بعيون مصوريها من مالك سيديبي إلى اليوم” و “فن بنين بين الأمس واليوم”، وكلها ستساهم في التعريف بالإبداع النابض بالحياة المعاصرة لقارة بأكملها. من أجل فهم ثرائها الثقافي بشكل أفضل.

تثمين الهوية الثقافية : اول جلالته اهتمام بالثقافة الحسانية وذلك انسجاما مع دستور المملكة الذي يدعو في فصله السادس إلى صيانة الثقافة الحسانية، كما يأتي تنزيلا للرؤية الملكية السامية التي تولي اهتماما كبيرا للبرامج والمشاريع التنموية بالأقاليم الجنوبية المندرجة في إطار تثمين الهوية الثقافية الحسانية وتعزيز سبل التعاون جنوب – جنوب والانفتاح الثقافي على إفريقيا، وتفعيلا لمقتضيات القانون الإطار 51/17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، وفي إطار تنزيل المشروع رقم 08، خاصة الشق المتعلق بالإدماج الفعلي للثقافة بالمدرسة المغربية.

فن الملحون: لا ننسى كذلك ، عناية صاحب الجلالة بفن الملحون كتراث وعلامة بارزة في تاريخ الثقافة الشعبية المغربية الأصيلة ، إذ ما جلالته ، يلفت النظر إلى قيمة الملحون وأهميته وضرورة العناية به ، لما يمثله من مظاهر حضارية وثقافية هي جزء مكون لهويتنا الوطنية . وفي هذا السياق ، نذكر أن صاحب الجلالة قد كلف الأكاديمية بإصدار ” أنطولوجيا ” للملحون ، أي مختارات من القصائد يسجلها بالأداء الغنائي منشدون ومنشدات وفق المعايير الشعرية الصحيحة ، والمقاييس الموسيقية السليمة .

إعطاء انطلاقة المسرح الكبير بالرباط والحسيمة والدار البيضاء وتلك التي في طور الإنجاز. هذا فضلا عن الأنشطة الثقافية والفنية التي تجد عناية خاصة ودعما موصولا من طرف جلالة الملك محمد السادس على حد ما نذكره عن المكتبة الوطنية ومعرض الكتاب والفنون التشكيلية ، مما يجعل الرؤية الثقافية لجلالته تسير جنبا إلى جنب مع الفعل الثقافي ، وتجعل المجتمع الثقافي المغربي شاهدا على بصيرة ملكنا الهمام أدام الله عزه ونصره ، وهو منجز أكثر فاعلية وحيوية.

ان النهوض بالمجال الثقافي في المغرب من طرف جلالته، يندرج ضمن مقاربة مندمجة تقوم على جعل السياسة الثقافية والفنية دعامة لتعزيز الهوية الوطنية وأيضا تعزيز الانفتاح على الثقافات والحضارات. حتى تكون هذه الرؤية الثقافية في المنظور الفكري لجلالة الملك مدخلا ضروريا لتحصين وصيانة مختلف التعبيرات الثقافية المغربية الأخرى كدعم الأمازيغية لغة وثقافة ، والعناية بالمآثر التاريخية وجعلها فضاءات قابلة لاستقبال وعرض المنتوج الثقافي والفني، والسعي إلى ترتيب وتصنيف أهم الآثار والمواقع التاريخية لتحتل المكانة اللائقة بها في التراث الإنساني ، والمساهمة في خلق اقتصاد ثقافي وإرساء دعامات للصناعات الثقافية الخالقة، وبلورة أولويات الإستراتيجية الثقافية للمغرب الثقافي ، مما سيجعل من الشأن الثقافي هاجسا يوميا ، وذلك من خلال توسيع شبكة الفضاءات والأنشطة الثقافية وتقريبها من القرى والمناطق النائية، والسعي إلى جعل الثقافة فعلا يوميا مندمجا في حياة المواطنات والمواطنين .. إلى جانب تنشيط الديبلوماسية الثقافية الذي يتطلب ربط الصلة بالمغاربة المقيمين بالخارج وتقوية علاقاتهم بالثقافة المغربية، وتقوية التعريف بالمنتوج الثقافي والفني المغربي ونشره على الصعيد العالمي، وتمتين أواصر الحوار والصداقة مع الدول الشقيقة والصديقة.

مشاركة المحتوى:

إرسال التعليق

المزيد