جاري التحميل الآن
×

بين التبذير والتدبير كبور إلى جانب بنموسى يحسنان جودة التعليم.

بين التبذير والتدبير كبور إلى جانب بنموسى يحسنان جودة التعليم.

بقلم الأستاذ عبد المنعم الكزان

بين التشريف والتكليف نفس المسافة مابين التبذير والتدبير، سياق الكلام أن التوجيهات الملكية منذ خطاب افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان المغربي سنة 2016 كانت خارطة طريق لسلوك المنهج السليم في تدبير أموال المواطنات والمواطنين تفاديا لزلزالين أحدهما إداري و ثانيهما سياسي، وحيث أن بعض الوزراء يتناسون أنهم منصب إداري وسياسي في آن واحد فقد لوحظ أن بعض الوزراء والمسؤولين مهوسون بافتعال الاختلالات على مستوى المال العمومي، لا تختلف الملايين فهذا وزير يرمي أموال الدولة من النافذة على تجمع بشري يفوق 3000 نسمة وكأنهم ضحايا زلزال الحوز وآخر قد يغدق على مغني تافه لا قيمة له في تحسين صورة المملكة…

لقد فاجئ سي بنموسى، وزير التعليم بملتقى لم يفهم له ساس من رأس ويبدو أن الوزارة المسؤولة عن قطاع التعليم قد فقدت البوصلة وأصبحت تتخبط خبط عشواء، تساؤلات كبيرة طرحها الأستاذ قبل المواطن حول كيفية إدارة وزارة التعليم للقطاع عموما وهذا المنتدى الوطني للمدرسين خصوصا، وأسباب اختيار صرف هذه الأموال الطائلة في هذه الفترة بالذات، مع العلم أن عددا كبيرا من المدرسين منشغلين بالإحصاء العام، بالإضافة إلى أن تصفح أشغال المنتدى سيثير الانتباه إلى كثرة المتدخلين بدون قواسم مشتركة علمية أو أكاديمية فهناك الأستاذ وصاحب منصة تفاعلية أو مدرب أو مؤسسة دينية لتتحدث عن تربية الأطفال كما هو حال الرابطة المحمدية…

كان أولى مع افتراض حسن النوايا أن يكون المنتدى منبرا جادا لمناقشة قضايا القطاع. إلا أن الدعوة حملت عشوائية كبيرة و مفاجأة بالطبع سلبية أضخم، المفاجئة لفنان كوميدي، مثل حسن الفذ، لإلقاء محاضرة في الجلسة الافتتاحية، في الترتيب بعد رئيس الحكومة والوزير السعيد بمنتداه فأي رسالة تريد الوزارة إيصالها إلى الآلاف من المدرسين المشاركين!!

وهي تستعين بشخصية تركت مجال التدريس منذ زمن طويل عملا بالمثل المغربي “حتى قط ما تيهرب من دار العرس”، ولجأت إلى كبور ليتساءل المغاربة في ظل تلمس الدولة الاجتماعية كما أرادها جلالة الملك، ماذا ياترى يحمل كبور من قيمة مضافة لنساء ورجال التعليم؟؟

الواقع قد يكون قرار استدعاء حسن الفذ، رغم شعبيته الفنية، انعكاسا لمحدودية رؤية القائمين على المنتدى، وكأن رسالة لليأس ترسل للمدرسين مفادها: “الهروب من مهنة التدريس هو السبيل الوحيد لتحقيق الذات والنجاح المادي”.

كان الأفضل أن تبدأ الجلسة الافتتاحية بشخصية خبيرة بالقطاع، أو أن تستعين الوزارة بخبراء دوليين من الدول الرائدة في مجال التعليم، مثل فنلندا أو سنغافورة للإستفادة من تجاربها، حيث الأنظمة التعليمية هناك تحظى بتقدير عالمي. ولكن الوزارة اختارت بدلا من ذلك شعار الترفيه بدلا من التثقيف والتكوين .

في عصر العولمة والتحول الرقمي، أليس كان من الأجدر أن تسعى الوزارة إلى استثمار التقنيات الحديثة لإشراك المدرسين عن بُعد، بدلاً من تجييش ثلاثة آلاف 3000 مدرس في العاصمة الرباط ليومين كاملين لا ندري كيف سيستفيدون في آن واحد من التكوين والتأطير الذي يشرف عليه 150 مؤطر وطني وأجنبي حسب تصريح الوزارة، وهو أمر يثير الاستغراب في ظل التوجه نحو النظام الجهوي وربط المدرسة بالمحيط السوسيواقتصادي. أليس من الأولى أن تُخصص الميزانية التي قُدرت بنحو 500 مليون درهم لتحسين التجهيزات المدرسية أو تعيين المزيد من المدرسين في للتخصصات الحيوية والمناطق التي تعاني من الإكتظاظ أو التهميش، بدلا من صرفها على ملتقى قد لن يترك أثرا حقيقيا على أرض الواقع؟

في الوقت الذي تعاني فيه المدارس من نقص في الموارد وكثافة الفصول الدراسية، تأتي الوزارة لتبذر ميزانية ضخمة على حدث يبدو أنه مخصص فقط لتبرير هدر المال العمومي، بدلا من البحث عن حلول حقيقية لمشاكل التعليم. في إقصاء للعديد من الأطراف الفاعلة، من المشاركة الفعالة في الإعداد للمنتدى، مما يعكس تجاهلا صريحا لأصوات طالما كانت تطالب بإصلاحات حقيقية لتحسين أوضاع المدرسين كما يعكس أيضا غياب الحس التشاركي للوزارة .

ومع هذه الإرتجالية، تزداد التكهنات حول إمكانية إعفاء الوزير بنموسى من منصبه بعد فشله في معالجة القضايا التعليمية الكبرى، وعلى رأسها إضرابات الشغيلة التعليمية، التي أثقلت كاهل الدولة ماليا وأثرت بشكل كبير على المسار التعليمي للتلاميذ. بالإضافة إلى تسقيف سن الولوج إلى مهن التدريس، الإغفال شمل أيضا مؤسسة دستورية كبيرة من حجم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الذي تم تجاهل دوره بشكل واضح، مما يعزز الشعور بأن هذا المنتدى يفتقد إلى الأساسيات الضرورية لإنجاحه. غياب هذه الهيئة والعديد من الخبراء الآخرين عن الملتقى، يجعل من الصعب التصديق أن هناك نية حقيقية لإصلاح التعليم أو تحسين أوضاع المدرسين.

وبينما تنشغل الوزارة بتلميع صورة بعض الوجوه على غرار رئيس الرابطة المحمدية لعلماء المغرب وتنظيم منتديات مكلفة لا تعود بأي فائدة ملموسة على المدرسين أو التلاميذ، تظل الرتب المتأخرة للمغرب في جودة التعليم شاهدة على ضعف النظام التعليمي في المغرب. فعلى سبيل المثال، لا تزال البرامج التعليمية تعاني في وقت تبتعد فيه الوزارة عن تبني التجارب الرائدة في التعليم الأنجلوساكسوني والآسيوي، التي أثبتت جدارتها في تصدر التصنيفات العالمية. فهل تعلم حكومة السيد أخنوش من خلالها وزيرها السعيد أن أولياء الأمور لم يستفيدوا لا من المحفظة المدرسية ولا من مبلغ 200 الذي عوضها؟ هل يعلم السيد أخنوش الذي سيفتتح المنتدى أن الوزير السعيد يجره لإنتقادات قبيحة لا مدارس الحوز جاهزة ولا مدارس طاطا جاهزة واستضافة 3000 فرد الأكيد أنها تكلف أكلا وشربا.

مشاركة المحتوى:

إرسال التعليق

المزيد