بين ولائه لإخوانه وولائه لوطنه.. بوصلة بنكيران معطلة.
بقلم ذ. عبد المنعم الكزان
عندما تحدث بن كيران وهو بين أحضان إخوته في ”حركة الإخوان المسلمين” بجزيرة قطر ”أثناء حفل تأبين ”إسماعيل هنية” والذي لازالت طريقة إغتياله في إيران يكتنفها الغموض، أول ما نطق به أن الحركات الإسلامية تعلم الإسلام، بمفهوم المخالفة عن الإسلام الحقيقي هو إسلام فروع حركة الإخوان المسلمين وبعدها ولاية الفقيه ودون ذلك لا يدخل في باب ملة الإسلام.
أتذكر عندما كنت طفلا صغيرا كيف كان جدي يذهب بي إلى ”لمسيد” الكتاب من أجل حفظ ما تيسر من القران باللوح والصمغ، ولقراءة حزب ما بعد صلاة المغرب، وقبله كيف كانت جدتي بجلبابها المغربي تتكلف بأن تذهب بي إلى مسجد الجامع الكبير، لا أعتقد أن في عهد بنكيران وهو الذي يفوقني سنا بكثير أنه سواء عندما كان طفلا أو مراهقا، أنه منعت الصلاة والقرآن يوما في دولة “إمارة المؤمنين” كما لا أعتقد أن حلق اللحية يدخل في باب الشرك والخروج عن الملة، حتى ينتظر المغاربة أن يأتي مريدوا “حسن البنا، وسيد قطب ،ورشيد رضى” أن يدخلوهم في دين الله أفواجا ، بل لا أعتقد أن بنكيران الذي يتحجج بالظروف ممنوع من الذهاب إلى لبنان والإنخراط في كتائب منظمة حزب الله الشيعية الموالية لإيران.
عندما قلنا سابقا أن العدالة والتنمية فرع من فروع حركة الإخوان المسلمين، قام بعض أشباه المثقفين بتخويننا وهاهو بنكيران يعترف بذلك بعظمة لسانه، بل ويمجد كذلك في ولاية الفقيه الخمينية.
وهذا الذي لم يتزحزح من صالون بيته، بل ونصب نفسه إلها من دون الله عبر وسائل التواصل الرقمي، وأصبح يرمي بصكوك العقاب على أهل الحوز من الفقهاء والثكالى والأرامل، ولم تتحرك إنسانيته بعد غدر العسكر الجزائري ضد مواطنين أعزلين بالسعيدية، كما لم تتحرك إنسانيته عندما كان رئيسا للحكومة تجاه آلاف المعطلين والمتقاعدين، وسياسته ألا شعبية تجاه الشعب المغربي، كما لم ينطق لسانه بكلمة عندما وقع حزب العدالة والتنمية على إستئناف تطبيع العلاقات الإسرائيلية المغربية.
إن القضية الفلسطينية عند كل حركات الإسلام السياسي مجرد أصل تجاري لجني الأرباح السياسية، فلا يهم من يسكنون الإقامات الفاخرة في قطر أو إيران إزهاق آلاف الأرواح من الفلسطينيين. إن إيران التي يعتبرها بنكيران محور المقاومة هي التي خربت العراق ولبنان واليمن وسوريا، وها هي الآن تسهم في تخريب غزة.
إنها أيضا إيران التي كانت ولا زالت ضد وحدة المغرب، منذ نزول آية الله الخميني بطهران قادما من باريس على متن طائرة تابعة لشركة “إير فرانس”، وضد أرواح ودماء آلاف شهدائنا وأبائنا وعائلاتنا دفاعا عن كل شبر في المغرب.
إن إيران يا رئيس الحكومة السابق ضد المغرب حتى قبل أن تعرف ” وصايا حسن البنا والمرشد الهضيبي” وينطق الشهادتين أمام مرشد الإخوان ”عمر عبد الفتاح عبد القادر مصطفى التلمساني” حسب رأيك.
إن أي مغربي عندما يسمع هذا الإستسقاء السياسي، ويرى تلك الدروشة ”البنكيرانية” في كلمة حفل عزاء ”إسماعيل هنية”، ويرى الا مبالاة التي قوبلت بها تلك الكلمة من طرف من حضروا حفل التأبين، يحس ”بالحݣرة” لأن من تكلم هو رئيس حكومة سابق لدولة عريقة إسمها المملكة المغربية، كلمة أقرب إلى كونها تقديم لواجب الولاء والبيعة لأمير جزيرة قطر وفقهاء إيران منه لأمين عام حزب سياسي قاد الدولة المغربية لولايتين، في دولة يترأسها أمير للمؤمنين.
إن تباكي وإستسقاء بنكيران بقطر وتهليل أتباعه على المواقع الإلكترونية وساحات الرباط في بلد ديمقراطي، لا يختلف في شيء عما قامت به حركة أدرع الإخوان وإيران ”حماس” التي إختارت المتاجرة بدماء الفلسطينيين، في إطار مغامرة ما أسموه ب”طوفان الأقصى”، تلك المغامرة التي جعلت آلاف الفلسطينيين عرضة للقصف الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023، مختبئين في الأنفاق وتاركين الساكنة من أطفال ونساء وشيوخ عرضة للأمراض والجوع والتشرد والعراء بعد أن أصبحت المباني مستوية مع سطح الأرض، في حين القادة أصبحوا نجوما في القنوات الإعلامية، وينعمون بالإقامات الفاخرة مستفيدين من عطايا وأموال ملايين المتعاطفين مع المشردين من الأطفال والنساء الفلسطينيين الموزعين عبر العالم وعلى رأسهم الشعب المغربي، وينعمون بالرحلات السياحية من درجة رجال الأعمال، ويديرون مشاريعهم التجارية ويدرسون أبنائهم في أرقى الجامعات، دون أن يرف لهم جفن.
إن حل القضية الفلسطينية تحتاج الى حكماء، بدل الركوب على دماء الفلسطينيين من خلال الشعارات وتقية استغلال الخراب ورائحة الموت وأنين الجوع والخوف من خلال الصياح ب “نصرة غزة” واستنكار إغتيال “إسماعيل هنية” والذي بالمناسبة أغتيل في مجمع مغلق للحرس الثوري الإيراني، مجمع قريب من مقر إقامة المرشد علي خامنئي، ثم والتنديد بما وقعوا عليه و يسموه ”تطبيعا” وكيلهم السباب للدولة وكأنهم لم يسيروها ولا زالوا جزء منها، استغلال سيكولوجية الجماهير، و البكائيات واللطميات وإدعاء المظلومية فقط من أجل تحقيق مكاسب سياسية من خلال دغدغة العواطف، في محاولة لتلميع صورة فشلهم السياسي الذريع وإستغلال الحزن والموت من أجل تلميع صورة الحزب المهزوزة تسولا للأصوات الإنتخابية مستقبلا.
إن حل القضية الفلسطينية لن يأتي من قاعدة جزيرة قطر ولا من مقر إقامة علي خامنئي، ولا من الأنفاق، إن حل القضية الفلسطينية يأتي ممن يطالب أولا بحقن دماء الفلسطينيين كواجب إنساني ويبذل كل الجهود لمداواة جراحهم، وإدانة كل مسؤول عن هذا الوضع الذي آلت إليه المنطقة والمعرضة الآن إلى المزيد والمزيد من سفك الدماء.
مشاركة المحتوى:
إرسال التعليق