ترقب التعديل الحكومي بعد خروجه من منطق الضرورة إلى منطق الحتمية.
إرتفعت توقعات العديد من المغاربة بدنو التعديل الحكومي منذ عودة جلالة الملك.
تجدر الإشارة إلى أن ما رفع من حجم توقعات هذا التعديل أيضًا هو تجاوز المدة الزمنية التي تعارف عليها المغاربة، وهي منتصف ولاية حكومية، بمدة ليست بالقصيرة، وذلك نتيجة إنشغالات جزء من أحزاب الأغلبية الحكومية بقضايا داخلية لا علاقة لها بتدبير الشأن العام، إضافة إلى تأخر الحكومة في الإلتزام المرتبط ببناء الدولة الإجتماعية. وبناءً عليه، يجب أن ننظر إلى هذا التعديل الحكومي ليس بمنطق الضرورات فحسب، بل بمنطق الحتميات.
لقد نبهت العديد من مراكز البحث منذ مدة إلى ضرورة إعادة النظر في مستوى الهيكلة الحكومية، خصوصًا بعد عدم تعيين كتاب الدولة حتى الآن، إذ أن هذا الأمر أضعف الأداء الحكومي على مستوى تدبير العديد من الملفات بعيدا عن تسييسها. في العديد من دول العالم، تعمل الأغلبية المكونة للحكومة على تطعيم حكوماتها بكفاءات لم يسبق لها الإنتماء إلى أحزاب الائتلاف.
إن خطاب العرش بمناسبة تولي جلالة الملك لسدة الحكم بمضمون رئيسي حول الماء، وقبله تنبيه جلالته لمشكلة “الإجهاد المائي” التي تواجه المملكة بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية عشرة، بالإضافة إلى تقرير والي بنك المغرب الذي قدمه أمام جلالة الملك والذي كشف النقص الكبير للأداء الحكومي على مستوى قطاعات بعينها خاصة في مجال التشغيل، ثم الإستحقاقات الرياضية التي تنتظر المغرب، والتي ظلت بركتها جامدة مع الوزير بنموسى بالإضافة إلى عدم التعاطي مع عدة ملفات بما يكفي من الاهتمام كما هو الشأن بالنسبة لمغاربة العالم، أو إعطاء صورة حقيقية عن المملكة من زاوية الثقافة و تحريك الشباب خدمة الوطن بدل البهرجة بالإحتفالات بدون مناسبات، كلها أمور تقتضي ضرورة تعيين بروفيلات تفكر بمنطق وطني فوق حزبي يتجاوز منطق التشريف والهاجس الانتخابي. وهذا الأمر لا يعفي من اتفاق أغلب التحليلات على ضرورة التعديل على مستوى الهيكلة الحكومية.
وعليه، فإن هذا الأمر يقتضي ضرورة التفكير في الهيكلة الحكومية من جانبين: جانب الرهانات الكبرى على المستوى الاستراتيجي التي ألح عليها جلالة الملك باعتباره رئيس الدولة، وجانب يغطي النقص في الاهتمام بقطاعات اجتماعية مهمة، اعتبارًا لأن كلا الجانبين يبلوران كسياسات عمومية من طرف الحكومة ومعرضة للمساءلة حولها.
وعليه واعتبارًا لرهنية وأولوية بعض الملفات، يرى مراقبون أنها يجب أن تخضع لبروفيلات تتجاوز المنطق الحزبي ورهانات وحسابات الصراعات التنظيمية و الإنتخابات، بل أن تخضع لمنطق تدبير الملفات من طرف رجالات دولة ببروفايلات تتميز بالكفاءة العلمية والخبرة الكافية حول هذه الملفات، كما تتميز بالبعد الاستراتيجي بعيدًا عن هاجس الانتخابات وما يرتبط بها من رهانات.
مشاركة المحتوى:
إرسال التعليق