الثقافة الحسانية
يمكن القول ان الثقافة عبارة عن مجموع الأفكار والقيم والعادات وطبيعة العلاقات وحتى الروابط العاطفية بين أفراد جماعة بشرية معينة، وبهذا المعنى نجدها نوع موجود مكتسب وليس فطري في الفرد، وهذا ما يجعلها قابلة للتغيير بكسب قيم ومعارف جديدة والتنازل عن أخرى حسب الجو العام السائد الذي تعكسه طبيعة البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع من جهة، وحسب درجة علاقة الفرد بهذه الجماعة “المجتمع” وتوجهاته وتطلعاته وتأثره بمحيطه من جهة أخرى. وفي جانب مقارب فإن الهوية هي الأخرى مركب اجتماعي معياري مكتسب، قابل للنمو والتطور والتغيير بناء على مجموعة من المحددات ووفق سياقات معينة زمانية ومكانية، فالهوية هي شعور وجداني يحدد ارتباط الفرد بوطنه ومجتمعه وجماعته من خلال محددات ثقافية مؤثرة مما يؤكد جدلية التقارب والتداخل بينهما.
فالثقافة مفهوم شامل تشمل جملة من الجوانب من قبيل ” الأدب ؛ الفنون ؛ الموسيقى ؛ الشعر….” .
فالمغرب كبلد عريق غني و متعدد بهوياته المختلفة و المتداخلة في ظل ثوابت الأمة، إذ تعتبر الثقافة الحسانية أحد مقومات هذه الهوية و ذلك برتباط هذا المكون بالبدو و الترحال تاريخيا و ما ميزها من آداب و شعر حساني و عادات وتقاليد وفنون.
تعتبر الثقافة الحسانية متجذرة في التاريخ من خلال قوتها الرمزية وحركيتها المستمرة حيث تتميز بالاعتماد على الشفهي، وهي الوسيلة المعتمدة في نقل التجارب والتواصل وهي الحافظة للذاكرة الجماعية، والتي تتجلى في جلسات السمر على كؤوس الشاي بطابعه وطقوسه التي تجعل من المجلس مكانا لتبادل الأفكار والأشعار ونقاش مختلف الأمور.
وتشمل ثقافة البيظان (الحسانية) عربا مغاربة وموريتانيين، وهي العامل المشترك بين المغرب وموريتانيا، ويطلق هذا الاسم على من يتكلمون اللهجة العربية الحسانية من العرب والأمازيغ ومن يوجد بالمغرب وموريتانيا.
والحسانية ثقافة غنية بالعديد من الأنماط التعبيرية الشفهية المتنوعة، وكانت وزارة الثقافة والاتصال المغربية قد أعلنت في وقت سابق عن مشروع “موسوعة الثقافة المغربية” التي تهدف لتوثيق معالم الثقافة المغربية، ويطمح المشروع الذي يفترض أن يصدر خلال العام الحالي لاستعراض غنى الثقافة المغربية وتنوع روافدها العربية الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسّانية، إضافة للروافد الأفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية.
ومن الجدير بالذكر ان الرافد الحساني تجمعه عدة قواسم مشتركة بالجزيرة العربية ، لذا أصبح من اللازم العمل على استثمار هذا الموروث الثقافي و النهوض والرقي به وفق حكامة ناجعة و رشيدة.
مشاركة المحتوى:
إرسال التعليق