صلاة بنكيران… الركوع تجاه الدوحة والسجود تجاه قم.
قلم المرسول مع الاستاذ عبد المنعم الكزان.
بينما تدخل المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية أسبوعها الثاني، أجد نفسي غير ملزم بإصدار موقف من هذا الصراع، كما لا أشعر الإلتزام بإتخاذ مواقف من نزاعات أخرى حول العالم مثل كشمير أو النزاع التايلاندي-الكمبودي أو الصراعات في القوقاز أو الكوريا أو الحرب الروسية- الأوكرانية، يكفي التمسك بمبدأ إحترام سيادة واستقلالها كما ينص ميثاق الأمم المتحدة، مع إدانة استهداف المدنيين في أي صراع.
لكن ما يثير التساؤل هو المواقف الصادرة عن حزب العدالة والتنمية و تصريحات عبد الإله بنكيران، بالإضافة إلى بيان حزب التقدم الاشتراكية، سؤال الجوهري: لو كانت حقيبة الخارجية تحت إدارة أي من هذه الأطراف، هل كان سيتم تبني نفس الموقف؟ اترك السؤال مفتوحا لأن الإجابة معروفة سلفا، سواء من مرافقي نبيل أو مريدي بنكيران.
من البديهي القول أن المشروع الإيراني الصفوي لا يلتقي مع النموذج المغربي لا في الدنيا ولا في الآخرة. فالفرق شاسع بين مفهوم ولاية الفقيه و مؤسسة إمارة المؤمنين، كما أن التباين عميق بين الإسلام كما يفهمه المغاربة وما تتبناه إيران من معتقدات وتعتبره إسلاما (الإمامة، و الجفر، و مصحف فاطمة، وفكرة خروج المهدي من السراب، و موقفها من الصحابة وسبهم، و مسائل التوحيد و والصفات الإلهية…).
قد يعود التقارب بين بعض تيارات الإسلام السياسي و المشروع الإيراني إلى التشابه في المنهج، حيث لا يختلف مفهوم ” المرشد ” عن ” ولاية الفقيه “، كما استراتيجية ” التمكين” و ” الحاكمية” تشبه إلى حد كبير مبدأ “التقية ” استراتيجية كتصدير الثورة”.
العداء الإيراني للمغرب لم يفتر منذ 1980 حين اعترفت طهران بجبهة البوليزايو وصولا إلى إثبات تورطهما في تدريب هذه الميليشيات 2018، أن حقد إيران على المغرب لا ينبع من خلاف سياسي فحسب، بل لأن المغرب ظل حصنا منيعا أمام التمدد الشيعي للمنطقة، بما في ذلك محاولات الإختراق الثقافي عبر السفارة الإيرانية و الذي ثبت سنة 2009، بينما نجحت إيران في تحويل دول مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان إلى ساحات للصراع الدموي.
تصريحات بنكيران و مواقفه لا تحتمل إلا تفسرين : إما خيانة متعمدة ناتجة الحقد شخصي أو مرض نفسي يحتاج إلى علاج نفسي، فليس مفهوما كيف يصر رئيس حكومة سابق على معارضة السياسة الخارجية لبلاده بشكل متكرر، متبنيا خطابا لا يعبر عن تطلعات المغاربة، لطالما اتسمت خطة حزب العدالة والتنمية دائما بالبحث عن مظلة خارجية ، بدءا من الإرتماء في أحضان بقطر وتركيا، قبل وفي مرحلة إحداث 2011 للوصول إلى السلطة مستفيدا من الدعم القطري التركي وهو دعم وصل إلى درجة تورط شباب الحزب مع جماعة جبهة النصرة والحماس لالتقاط الصور على متن دباباتها.
تحول بنكيران إلى نحو التقارب مع المحور الشيعي يمكن تفسيره برد فعل نتيجة تغير الموقف القطري التركي ، خاصة بعد تفكيك هيئة تحرير الشام و تولي أحمد الشرع (الجولاني) قيادة سوريا الجديدة. موقف بنكيران ليس مبنيا على رؤية سياسية واضحة، بل على مبدأ معارضة السياسة الرسمية للمملكة المغربية بأي ثمن، حتى ولو تطلب ذلك التحالف مع الشيطان نفسه.
خطورة هذا الموقف تكمن في كونه يصدر عن رئيس حكومة سابق و قائد حزب سياسي. لقد حان الوقت لمراجعة شرعية وجود هذا الحزب الذي أساء تقدير مرحلة حساسة من تاريخ المغرب.
مشاركة المحتوى:
إرسال التعليق