عندما تتحول السلطة الرابعة إلى دعاية للألغارشية.
قلم المرسول مع الأستاذ عبد المنعم الكزان.
الإعلام في هذا الوطن السعيد لم يعد تلك المرآة التي تعكس واقعنا الذي ننتمي إليه، أتذكر مقولة عظيمة للفيلسوف إبن رشد “من العدل أن يأتي الرجل من الحجج لخصومه بمثل ما يأتي به لنفسه” وحتى نكون صادقين لم يصل الإعلام لهذه الدرجة من التبعية للحكومة كما هو الحال في جميع الحكومات السابقة حتى في عهد البصري الفرق هو أنه أصبحت هناك آليات جديدة للتلاعب الإعلامي هل النشاط الإعلامي في نقل الأحداث الوطنية هو نفسه إعلام حكومة اليوسفي أو جطو أو الفاسي أو بنكيران والعثماني؟؟؟ أترك السؤال بدون جواب لأن الجواب واضح بالنسبة للكتاب والصحافيين ورجال الإعلام، لقد تحول إعلامنا إلى ميدان للتلاعب بالحقائق والمعلومات، ميدان لتوجيه النقاش بما يخدم هذه الألغارشية الريعية الحاكمة التي إبتلينا بها حتى أصبحت بدون حياء تدافع عن مصالحها في قبة البرلمان وبوجه مكشوف، وتريد أن تتاجر في كل شيئ في الحولي العيد والدجاج، العسل والمحروقات والعقار والأكسجين وإنتهاء بالماء ولولا الألطاف الإلهية لتاجرت في “لهوا ديال سيدي ربي”.
منذ مدة كنت قد وجهت نقدا في الإعلام الوطني لوزير الثقافة والتواصل المهدي بنسعيد ومنذ تلك المداخلة الإعلامية قبل سنتين وأنا من المغضوب عليهم في الإعلام الوطني، ومنذ سنتين رفضت الكتابة لأحد الهولدينغات الإعلامية بعد رفضهم نشر بعض مقالاتي، وحذف فقرات أخرى كانت تتحدث عن البطالة آنذاك وغلاء الأسعار.
فأنا لم أتوقف عن الكتابة مطلقا فقط هو رفضي لأن يصبح الصحفي والكاتب مجرد موظف يكتب وفق الأهواء والمصالح، وليس فاعلا ينقل الحقيقة كما يراها، كتبت مراسلة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش قبل سنة ونصف أيضا لم أتلقى جوابا إلى حدود هذه الدقيقة الحكومة في هذا الوطن المشمول بلطف الله تتعامل مع المواطنين كأنهم كائنات مجهرية لا ترى بالعين المجردة، وأصبح بعض المسؤولين في وسائل الإعلام وحتى البرلمان منزلة المقدسات والأنبياء والرسل ولا يجوز نقدهم ولا مساءلتهم، دون أن ننسى محاكمة الصحفيين وقد أضيفت نازلة جديدة مرتبطة بالتضيق الإعلامي على البرلمانيين كما وقع مع ريم شباط من طرف رئيس البرلمان الطالبي العلمي عندما وجهت نقدها لعزيز أخنوش، كما أن العديد من البرلمانيين يشتكون من عدم تجاوب الوزراء مع مراسلاتهم وأسئلتهم.
في ظل هذا الإحتقان وموجة الغلاء والبطالة التي أصبحت ترهق الشعب، بعض الهولدينغات الإعلامية أصبحت أداة لمحاولة تشكيل وعي مغيب بحيث تتوجه إلى قضايا ثانوية، في حين كان من المفروض أن تكون أداة لمناقشة قضايا حارقة، في مجتمع الشبكة (Netwekmaatschapp) فما معنى أن تهدف وسيلة إعلامية كبرى جزء من مقال في أو ترفض نشر مقالات أصلا تتحدث عن البطالة، أو تجاهل تقارير هيئات الحكامة التي تدين سوء التدبير الحكومي إلا الرغبة في تشكيل أوليات إعلامية مرتبطة بثقافة الإلهاء والتفاهة كبديل للقضايا الجوهرية، بالإضافة إلى توجيه الإعلام الرقمي حتى توجه الخوارزميات من خلال ضخ التفاهة، هل أصبح من الضروري للكاتب أو الصحفي أن يتنازل ويناور حتى لا يبعد إعلاميا في تطويع ناعم وماكر للعقول والأقلام وللأجساد، بالإضافة إلى لعبة توزيع الدعم التي تتحكم فيه وزارة الإتصال. ربما هذا هو الشيئ الوحيد الذي استفاد منه وزيرها من منظمة إلى الأمام والمدرسة الغرامشوية بسعيها إلى ممارسة “الهيمنة الثقافية” حيث يتم دفن كل ماهو مرتبط بالفشل الحكومي، أصبحت القضايا الحارقة كالغلاء و البطالة والفساد المالي والإداري مثلا محصورا في زاوية خبرية ضيقة.
لكن رغم كل أشكال التعمية، فإن الإحتجاجات لا تزال ترتفع وأسرتها يوما عن يوم في بعض المدن الكبرى ف “شحال قدك ما تستغفر الله يا البايت بلا عشا” والمناطق المهمشة، ومن ينسى التاريخ محكوم عليه بتكراره، فالأسعار الحارقة والبطالة الخانقة وانسداد الأفق، كلها عوامل تجعل الوضع على حافة الإنفجار، فعندما يتم التلاعب الديمقراطية من خلال التعليم والوعود المزيفة فاذكروا ثورة الجياع، واليوم تتحدث الشوارع المغربية رغم القوانين وإرهاب حكومة تكميم الأفواه للصحفيين الجمعيات.
إن هذه الحكومة الألغارشية برئاسة عزيز أخنوش وأقطابها ليست عاجزة عن كل الأزمات بل هي طرف أصيل في الأزمة الراهنة، خصوصا عندما يتداخل اللهط الإقتصادي مع السلطة السياسية، ويصبح تدبير الشأن العام مرتبط بالريع والمحسوبية بدل مصالح الشعب، ما يحدث الآن هو غضب متراكم في غياب تسمية الأشياء مستوياتها وإعلام الحجب نخشى مانخشاه أن يريد تنبؤات جون جاك روسو “فعندما يسلب الشعب حقه في التعبير سيجد طرقا أخرى ليتحدث”.
مشاركة المحتوى:
إرسال التعليق