هل يصير الوطن ضحية المرجعيات؟؟
قلم المرسول مع الأستاذ عبد المنعم الكزان
النزعات الأيديولوجية التي تتبناها حركات الإسلام السياسي والتيارات القومجية ذات التوجه الاشتراكي الشمولي تثير الغرابة بتناقضاتها الحادة ومواقفها المتذبذبة التي ألحقت الضرر بقضايا وطنية وعربية وإسلامية على حد سواء. ففي الوقت الذي ترفع فيه هذه التيارات شعارات المقاومة والممانعة، نجدها تقف في صفوف داعمي نظام الأسد، متجاهلة جرائمه وانتهاكاته بحق الشعب السوري، ومساندة ميليشيات حزب الله، الذي تعد أبرز أدوات إيران في المنطقة. عبد الإله بنكيران، الذي يتباهى بانتقاد النظام السوري، لم يجد غضاضة في دعم هذا الحلف الدموي.
إلى جانب إخوانه في حزب العدالة والتنمية، فقد شارك عدد من قياداته في مؤتمرات نظمها نظام الأسد، وحافظوا على علاقات مع حزب البعث السوري، واضعا أولوياته الحزبية والأيديولوجية فوق المصلحة الوطنية، حتى بعد إدراكه لطبيعة هذا النظام الدموي، ليتم طرده من مؤتمرات نظام الأسد بعد توقيع سعد الدين العثماني الاتفاق الثلاثي، بداعي الممانعة رغم أن عائلة الأسد لم تدخل جبل الشيخ والجولان منذ أن خرجت التجريدية المغربية منها منذ نصف قرن، ولم يطلق رصاصة واحدة منذ خيانته للجيش المغربي في لحظة الحرب، ليظهر قيادوا الإخوان كيف أن مصالح الأيديولوجيا تتغلب على المصلحة الوطنية، في تجاهل تام لمعاناة السوريين. وفي الوقت ذاته، غاب هؤلاء عن تقديم أي دعم حقيقي للشعب السوري في محنته، رغم شعاراتهم الزائفة عن التضامن والمقاومة. أما جماعة العدل والإحسان، فقد سعت إلى كسر عزلتها السياسية عبر التقارب مع التيارات القومية، مستغلة شعارات التقارب الإسلامي والقومي للتفاخر بعلاقاتها مع حزب الله والنظام السوري. لكن الشعب لم ينس، الشعارات الجوفاء لم تستطع إخفاء الحقيقة.
وعلاقة بموضوع الوحدة الترابية للمغرب، خرج تصريح ” المدلول الرخيص “، الذي أثار غضباً واسعاً بسبب دعوته الصريحة للانفصال عن المغرب. هذا التصريح الذي يضرب في صميم الإجماع الوطني حول القضية الصحراوية، يكشف عن محاولة لتقويض ثوابت الأمة. الموقف الذي عبر عنه “المكروه الرخيص” يتناقض مع القيم الوطنية الراسخة والدستور المغربي، ويشكل استفزازا مباشرا لتضحيات المغاربة الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن الوطن. فلا مجال للحياد هنا، إما أن يكون الإنسان مغربيا بين المغاربة، أو خائناً لا مكان له بينهم وليذهب إلى الجزائر أو مخيمات لحمادة .
المغرب لن يكون استثناء في التعامل بحزم مع دعاة الانفصال، كغيره من عدة دول، حيث تصان هيبة الدولة أمام كل تهديد لسيادتها. النيابة العامة مطالبة بالتحرك للدفاع عن الدستور والقانون، ومواجهة مثل هذه الدعوات بحزم يليق بتضحيات آلاف الشهداء. فلا يمكن التغاضي عن الإستهانة بالدماء الزكية التي دفعت ثمنا باهضا للحفاظ على وحدة الوطن، بينما كان “المدلول الرخيص” لازال يتبول في فراشه من الثمالة وكان بنكيران يمارس هوايته المفضلة عبر دراجته النارية في شوارع الرباط.
أما آمنة ماء العينين، فهي من أين تؤكل الكتف، حيث تدرك تماما كيف تُستثمر المناصب والهيئات لتحقيق مصالح شخصية بعيدة عن هموم المواطنين. كما تدرك تماما أن الإستفادة من الريع السياسي لا تقتصر على المناصب الرفيعة، بل تشمل العضويات في هيئات الحكامة، والترشح في مناطق لا يعرفها فيها أحد لضمان الفوز، والوصول إلى البرلمان كوسيلة لتعزيز المكاسب الشخصية. في هذا المشهد، يبقى المعطلون والمهمشون وحدهم في مواجهة الواقع، بينما يواصل آخرون استغلال العلاقات والنفوذ لتحقيق مصالحهم، متجاهلين الكفاءة ومتطلبات العدالة الاجتماعية فالعلاقة تسبق دائما الكفاءة و “لي خالتوا فالعرس عمروا يبات بلاعشا “.
ربما يعتقد قادة هذه الحركات أن السياق الدولي لعام 2024 لا يختلف عن 2011، متناسين أن مياه المصالح غمرت كل شيء، وأن قواعد اللعبة قد تغيرت تماماً. الزمن لا يعود للوراء، والمجتمعات أصبحت أكثر وعياً بمصالحها الحقيقية، بعيداً عن شعارات زائفة لم تعد تنطلي على أحد.
مشاركة المحتوى:
إرسال التعليق