جاري التحميل الآن
×

لطيفة أحرار.. والشهرة الرخيصة على حساب الثوابت الوطنية.

لطيفة أحرار.. والشهرة الرخيصة على حساب الثوابت الوطنية.

قلم المرسول مع الأستاذ عبد المنعم الكزان

فريدريك نيتشه: الفن هو التمرد على المألوف، ولكن ليس على المقدس.

في ظل هذا الجدل والبلاء الذي تسلط على التعليم العالي في هذا المغرب الآمن السعيد بتعيين لطيفة أحرار، وعلى ضوء التأمل في مفهومي الحداثة والفن من خلال النضريات التي أبدعها فلاسفة كبار منذ بلورت هذا المصطلح مع إيمانويل كانط، ومرورا بنيتشه ومدرسة فرانكفورت الألمانية، ووصولا إلى مشيل فوكو وجون بول سارتر في المدرسة الفرنسية، ثم الفلاسفة الأنغلوساكسونيين كجون ستيوارت ميل، لابد أن نصل شأننا في ذلك شأن أغلب المهتمين إلى أن الحداثة شيئ والإنحلال والعراء و “قلة الحياء” و ” قلة العراض” والميوعة شيئ آخر، حيث أن الحداثة هي مشروع فكري عميق يتطلب مجهود كبير في التحليل والنقد والإبداع.

لكن عندما نرى أمثال لطيفة أحرار، ومن على شاكلتها، يقزمون ويهينون الحداثة والفن والحرية ويختصرنها في التعري وإهانة العقيدة من خلال التهكم على الترتيل المغربي للقرآن الكريم، فإن ذلك يعبر عن قصور معرفي وغياب رؤية حقيقية وتهور لا يقوم به إنسان سوي تحت طائلة أي مسمى من المسميات، و إلا لكانت الشيخة الريميتي التي عزف إلى جانبها flea عازف فرقة الروك الأمريكية Red Hot Chili Peppers رائدة الحداثين والحداثيات.

لطيفة أحرار وأمثالها يسعون إلى الشهرة عبر البوز بالقفطان المحلول أو لبس بيكيني البحر على خشبة المسرح، في محاولة بئيسة للشهرة على حساب ثوابت المغاربة.

الشعب المغربي شعب متسامح، كما إن المجتمع المغربي يعرف بالقدرة على التمييز في التعامل مع الفضاءات العامة والخاصة، حيث يعرف الفرق بين حمام النساء والسوق والبحر والشارع والعرس المغربي وبيت الله، إنه مجتمع يجسد قيم الإحترام والتسامح والإعتراف بالتنوع. لا يمكن مقارنة التعري في فضاءات عامة أو محاولات الاستفزاز المتكررة بما يسمى “حرية فنية”. وقد أشار الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس مثلا أن الحداثة ليست حالة ثورية مستمرة ضد كل ما هو تقليدي، بل هي بحث دائم عن تطوير المجتمعات أنه بهذا المعنى رسالة قبل كل شيئ.

وعليه فإن العديد من الفنانين والأكاديمين من حقهم أن ينتقدوا التعيين الذي حصلت عليها لطيفة أحرار، بدءا من إدارة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وإنتهاءا بعضوية مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي من طرف وزير التعليم العالي والذي جاء بناءا على تعيينها في المعهد على غرار القوانين المنظمة للعديد من المؤسسات ومن بينها هيئات الحكامة، بحيث تثار العديد من التساؤلات حول الكفاءة والمعايير التي تم الاستناد إليها من طرف بنسعيد لتعيين أحرار، خاصة وأن المغرب ليس بلد عاقر وغني بفنانيه المبدعين وباحثيه الأكاديميين الذين يمتلكون أطروحات علمية بلغات مختلفة وتشمل عدة تخصصات تهم المجال الفني. فنانون نجحوا في المزج بين الإبداع والإلتزام بالقيم الثقافية دون الحاجة لإستفزاز المجتمع أو المس بثوابته وقدموا صورة مشرقة عن الفن والفنانين المغاربة خارج أرض الوطن.

من المؤسف أن نجد وزارة بنسعيد تحاول أن تروج أن الحداثة هي مجرد كسر للقيود الأخلاقية أو ضرب للثوابت الثقافية والدينية للمجتمع، إن الحداثة ليست دعوة للتنكر للقيم والثوابت الوطنية، بل هي منهج لتطويرها بما يخدم المستقبل دون التصادم مع الحاضر إنها أسلوب تجميع للحاضر وعدم التصادم معه وفي نفس الوقت آلية لتجاوزه في إطار تطويره.

لطيفة أحرار وأمثالها يقدمون نموذجاً مشوهاً للأطفال والشباب المغربي، يوحي بأن النجاح يتحقق من خلال الإثارة والانحلال والتمسح العباءة والبشت الخليجيين، و إثارة الفضائح في أروبا الشرقية وتشويه صورة المغرب، بدلاً من التفوق في مجال الإبداع الحقيقي. الحداثة، كما وصفها كانط، تقوم على استخدام العقل بحرية مع تحمل المسؤولية. إنها ليست قطيعة مع الماضي، بل إعادة تعريف للذات في علاقتها بالمجتمع كما وصفها فوكو أما الحداثة المزعومة التي يدعو لها بنسعيد وأحرار وطوطو من معه، فهي لا تعدو كونها وسيلة لتشويه صورة الفن والثقافة في المغرب، و من لا يعجبه ثوابث المملكة فدول العالم كثيرة، رغم أنه لا وجود لمجتمعات بدون ثقافة وبدون ثوابث، فملك بريطانيا هو رئيس الكنيسة، والأمريكيون يعتبرون الأباء المؤسسون من الثوابث، ومن العيب أيضا أن يقبل رجل رجل أخر في أروبا من الوجه كما هو حال المغاربة، وووووو.

فلكل مجتمع ثقافته، لهذا، يجب على الفنانين أن يدركوا أن أعمالهم تحمل تأثيرا يتجاوز اللحظة، وأن عليهم احترام المقدسات التي تمنح المجتمعات هويتها ووحدتها، كما أن سلوكاتهم باعتبارهم شخصيات عمومية لها تأثير داخل المجتمع وعلى الطفل والمراهق على الخصوص، فما هي القيمة المضافة التي يقدمها الفنان الذي يدخن المخدرات أمام وسائل الإعلام، أو سيتهزء بالقرآن، أو يقوم بسلوكات لا أخلاقية داخل خشبة المسرح أو فوق ساحة العرض الفن ليس مهنة مرتبطة بمدخل مادي فقط كما أنها (أرسطو) ليست تعبيرا عن الذات فقط ، بل هو رسالة نبيلة في خدمة للمجتمع.”

هذا الواقع يجعلنا نتساءل؟ هل تستحق هذه النماذج أن تكون ممثلة للفن والثقافة المغربية في منصات محلية ودولية؟ وهل تستحق أن تسهم في بناء سياسة عمومية ترقى بالمجال الأكاديمي والفني في المغرب؟ وهل أبناء المغاربة في مأمن من هذا العبث الفني والأكاديمي والسياسي؟

مشاركة المحتوى:

إرسال التعليق

المزيد