بنكيران… محترف ازدواجية الخطاب والتقية.
بدون خلفيات مع الأستاذة شريفة لموير.
إن مظاهر الازدواج في الخطاب و السلوك التي تطغى داخل تيارات التدين السياسي في المغرب، تظهر من خلال ظاهرة “التقية” السياسية وهي ما تترجمها ممارسات عبد الاله بنكيران وكما هو حال جماعة العدل والاحسان، فبنكيران يوظف بشكل لافت خطابا مزدوجا يحابي به القواعد الاسلاميه التي تتمسك بموافق اكثر تجاه النظام،لكنه في الان ذاته يتبنى علانية لمؤسسات الدولة وبيعته للملك.
ظاهرة التقية السياسية التي يمارسها بنكيران لا تظهر فقط من خلال الخطاب، بل ايضا من خلال الاختيارات المقصودة للقضايا والمواقف، إذ ينبني انتقاؤه هذا على تفادي المواجهة المعلنة و الصريحة لمؤسسات الدولة حين تفرض المصلحة، و على رسائل مبطنة “للشارع” الاسلامي حين تستلزم الظرفية التعبئة. فبنكيران المتضامن اليوم مع إيران هو نفسه بنكيران الذي لا طالما أشاد بالجالية اليهودية في المغرب وصرح أن اليهود “إخوتنا في الوطن”،وإن كان هذا لا يحمل تناقضا، إلا أن انتقائيه هاته تعكس ظاهرة الازدواجية في الخطاب والمواقف.
ما يفسر خرجات بنكيران الأخيرة التي تعزز هذه الظاهرة في تضارب صارخ مع موافق البلاد و مؤسسات الدولة، لكنها أكيد ممارسة تزكي حالة الشك في مصداقية الفاعلين الإسلاميين، ويكرس لحالة سياسية لا تنبني على الانتماء الكامل بل تقوم على ثقافة سياسية تتأسس على الولاء المشروط.
هذه الازدواجية التي أصبحت أكثر وضوحا في خطاب بنكيران تطرح معها سؤالا جوهريا، هل أصبح بنكيران يسعى لشرعية من الخارج من خلال تحالفاته و ولاءاته الخارجية؟
أما من ناحيتها فجماعة العدل والاحسان تعتبر مثالا منبري الوضوح في مسألة الولاء فوق الوطن، فلا يخفى أن الجماعة لا تعترف بشرعية النظام السياسي للبلاد، ولا تؤمن بمؤسسات الدولة، لكنها متمسكة بعلاقات رمزية مع مرجعيات إسلامية خارجية، إن تعلق الأمر بالفكر أو حتى بالحلم في دولة الخلافة.
و إن كانت الجماعة تمانع الانخراط في اللعبة السياسية داخل البلاد، فإنها حاضرة بقوة من خلال النشاط في الفضاءات الرمزية والاجتماعية، متبنية في ذات الوقت ثقافة وخطابا يصور الدولة كيانا مؤقتا لا يعكس الامة الحقيقية.
ان هذه المفارقة تترجم فرضا انسلاخا واضحا عن فكرة الدولة الوطنية، لكنه يعزز بالموازاة مع هذا ولاءات موازية، تساهم في خلق فضاءات بديلة تُضعِف فيه شرعية الدولة لصالح مشروع غير منسجم مع الواقع المغربي الذي أصبح لا يحتمل فاعلين إسلاميين لازالو يعيشون على الماضي، ولا يساهمون في بناء الوطن.
مشاركة المحتوى:
إرسال التعليق